بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلي على محمد واله الطيبين الطاهرين

يشرفنا تواجدكم وتسعدنا مشاركاتكم فاهلا بكم

07‏/08‏/2011

المجتهد الاعلم

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدا لا انقطاع له من الان الى يوم الدين , وافضل الصلاة والتسليم على خاتم الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد واله الطيبين المنتجبين الطاهرين واجعل قرار اعدائهم الدرك الاسفل من جهنم واجعل لهم بئس المصير امين يا اله العالمين .
  قد يقال ان معرفة المجتهد الاعلم انما تتم من خلال كثرة استنباطه او من خلال المامه الكبير بالمسائل الاصولية او من خلال حضوره دروس عدد كبير من الاساتذة ، ولكن هذه الامور لا يمكن ان تكون دليلا على اعلميته وسيتضح ذلك بعد بيان تعريف الاعلم وبيان ملاكات الاعلمية .
ان علماء الاصول استخدموا تفاسير وتعابير عديدة لبيان الاعلمية لكن الشيخ الانصاري عرف الاعلم بانه ( من كان اقوى ملكة واشد استنباطا بحسب القواعد المقررة ونعني به من اجاد في فهم الاخبار مطابقة والتزاما , اشارة وتلويحا وفي فهم انواع التعارض وتمييز بعضها عن بعض وفي الجمع بينها باعمال القراعد المقررة لذلك مراعيا للتقريبات الغرفية ونكاتها وفي تشخيص مظان الاصول اللفظية والعملية وهكذا الى سائر وجوه الاجتهاد واما اكثرية الاستنباط وزيادة الاستخراج الفعلي مما لا مدخلية له تحت مسألتنا ) مطارح الانظار /307 .
وقد عرفه السيد ابو الحسن الاصفهاني قائلا : ( وليعلم ان الملاك في الاعلمية هو الاقدرية في فهم الاخبار واستنباط الاحكام منها وكونه اجود فهما للاخبار وشدة الاستنباط لا كثرة الاستنباط الفعلي ولا تدقيق النظر في المسائل الاصولية التي قلما يتفق وقوعها في طريق الاستنباط كالمعاني الحرفية ) منتهى الوصول / تقرير محمد تقي املي الطهراني  / 398 .
وعرفه المحقق العراقي بانه ( من كان احسن استنباطا من غيره لكونه اقوى نظرا في تنقيح قواعد المسالة ومداركها واكثر خبرة في كيفية تطبيقها على مواردها واجود فهما للاخبار في استنباط المسائل الفرعية من مضامينها مطابقة والتزاما واشارة وتلويحا واكثر اطلاعا بمدارك المشكلة ونظائرها كما يرشد اليه قوله عليه السلام " انتم افقه الناس اذا عرفتم معاني كلامنا " , نعم لا عبرة بكثرة الاستنباط والاحاطة بالفروع الفقهية لان ذلك قد يجتمع مع ضعف الملكة ايضا ) نهاية الافكار / 4 : 254  .
وعرفه ايضا السيد محمد كاظم اليزدي بانه ( من يكون اعرف بالقواعد والمدارك للمسالة واكثر اطلاعا لنظائرها وللاخبار واجود فهما للاخبار والحاصل ان يكون اجود استنباطا ) العروة الوثقى / مسالة 17 .
ومن مجموع هذه التعاريف نخلص الى ان الاعلم ليس من كثر استنباطه بل المعيار هو كيفية الاستنباط , ويمكننا ان نضع عدة نقاط من مجموع التعاريف السابقة تعتبر ملاكات للاعلمية وهي كالتالي :
1- اكثر معرفة  بالقواعد والاصول التي لها مدخلية في استنباط الاحكام .
2- عند تعارض الاخبار تكون له قدرة اكبر على الجمع بينها .
3- قدرة اكبر على الاستنتاج الدقيق وعلى الادراك الصحيح .
4- يفوق غيره بالمعرفة بمصادر التشريع .
5- اكثر خبرة من غيره بتطبيق القواعد العامة على المسائل الجزئية والفرعية .

ومما تقدم يمكن ان يجاب على القائل بان معرفة المجتهد الاعلم انما تتم من خلال كثرة استنباطه او من خلال المامه الكبير بالمسائل الاصولية او من خلال حضوره دروس عدد كبير من الاساتذة فنقول لا كثرة الاستنباط دليل على الاعلمية لانه اذا لم ترافق هذه الكثرة دقة في استخراج الاحكام لا تعد دليلا على الرغم من انها تعتبر نوعا من الخبرة العملية , ولا حضور دروس عدد كبير من الاساتذة لانه ليس اكثر اهمية من كثرة الاستنباط وبما ان كثرة الاستنباط لا تعتبر دليلا فبالاولى كثرة حضور الدروس لا تعتبر دليلا ايضا , ولا الالمام بالمسائل الاصولية يعتبر دليلا لان هناك الكثير من الاشخاص الذين لهم باع في المسائل الاصولية الا انهم يفتقدون قدرة تطبيقها على القضايا العملية والنتيجة هي ضعف عملية الاستنباط .